ليس من العلم في شيء، تحديدُ مفهوم واحد للديمقراطية، وليس من العدل في شيء، فرض نموذج ديمقراطي يلتزمه نظامٌ من الأنظمة في هذا العالم، على البشرية جمعاء، لأن في ذلك حجراً على العقول، وصبّاً للمفاهيم في قالب جامد لا يتحرك. بينما الديمقراطية هي نظام للحكم تتعدّد مفاهيمه، وتتنوّع أشكاله، وتختلف تطبيقاته، وتَتَبايَنُ الرؤى ووجهات النظر إزاء ه.
وللديمقراطية مدارس لكل منها مفهومٌ يؤسّس لنظام في الحكم يختلف من نواحٍ كثيرة عن المفاهيم والأنظمة الأخرى. وفي العالم اليوم ديمقراطيات تختلف من دولة إلى أخرى، ففي الغرب أنظمة حكم ديمقراطية لا تلتزم شكلاً واحداً في الممارسة السياسية، ولا تقبل أن يفرض عليها نظام لا يعبّر عن شخصيتها المعنوية، مما يؤكد الاختلاف والتنوّع باعتبارهما سنة الكون.
إن أي توجّه نحو فرض نمط ديمقراطي محدّد على المجتمعات الإنسانية، هو سياسة باطلة طبيعياً وأخلاقياً، لتعارضها مع سنن الكون، ومع طبيعة الإنسان، ومع الفطرة التي فطر اللَّه الناس عليها، وباطلة قانوناً لأنها تَتَنافَى والقوانين الدولية التي تؤكد على الخصوصيات الثقافية للأمم والشعوب وعلى التنوّع الثقافي، تنافياً مطلقاً.
من هذه الزاوية نظرت إلى مسألة الديمقراطية في هذه الدراسة، من خلال رؤية مستوعبة للواقع الدولي وما يحفل به من متغيّرات، ومن منطلق الفهم الواضح لطبيعة العصر وما يعج به من تحدّيات، فبحثت الجوانب المختلفة للموضوع باعتبار أن الديمقراطية نظام سياسيّ إجرائيّ قابل للتكيّف مع الواقع في بلدان العالم الإسلامي، لا يتعارض من حيث الجوهر والقصد النبيل، مع مبادئ الشورى والعدل والمساواة والكرامة الإنسانية.
ولقد خلصت إلى نتيجة أراها بالغة الأهمية، وهي أن الديمقراطية اختيار لابد أن نأخذ منه ما يَتَناسَبُ مع مرجعيتنا الحضارية وما لا يتعارض مع مقاصد ديننا الحنيف. وذلك هو المنظور الإسلامي للديمقراطية كما وضح لي.
وأسأل اللَّه تعالى أن يوفقنا إلى ما فيه الخير للإنسانية جمعاء.
واليكم كتاب الديموقراطيةفى الاسلام بقلم العقاد
للتحميل من هنا
http://www.4shared.com/file/33932783/70a4b1af/___.html